سورة النازعات - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النازعات)


        


{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى (26)}
{إِنَّ فِى ذَلِكَ} أي فيما ذكر من قصة فرعون وما فعل وما فعل به {لَعِبْرَةً} عظيمة {لّمَن يخشى} أي لمن شأنه أن يخشى وهو من شأنه المعرفة وهذا إما لأن من كان في خشية لا يحتاج للاعتبار أو ليشمل من يخشى بالفعل وم كان من شأنه ذلك على ما قيل وقوله تعالى:


{أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (27)}
{ءأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا} خطاب للمخاطبين في جواب القسم أعني لتبعثن من أهل مكة المنكرين للبعث بناء على صعوبته في زعمهم بطريق التوبيخ والتبكيت بعدما بين كمال سهولته بالنسبة إلى قدرة الله تعالى بقوله سبحانه: {فإنما هي زجرة واحدة} [النازعات: 13] ونصب خلقًا على التمييز وهو محول عن المبتدا أي أخلقكم بعد موتكم أشد أي أشق وأصعب في تقديركم {أَمِ السماء} أي أم خلق السماء على عظمها وانطوائها على تعاجيب البدائع التي تحار العقول عن ملاحظة أدناها وقوله تعالى: {بناها} إلخ بيان وتفصيل لكيفية خلقها المستفاد من قول تعالى أم السماء وفي عدم ذكر الفاعل فيه وفيما عطف من الأفعال من التنبيه على تعيينه وتفخيم شأنه عز وجل ما لا يخفى وقوله سبحانه:


{رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28)}
{رَفَعَ سَمْكَهَا} بيان للبناء أي جعل مقدار ارتفاعها من الأرض وذهابها إلى سمت العلو مديدًا رفيعًا وجوز أن يفسر السمك بالثخن فالمعنى جعل ثخنها مرتفعًا في جهة العلو ويقال للثخن سمك لما فيه من ارتفاع السطح الأعلى عن السطح الأسفل وإذا لوحظ هذا الامتداد من العلو للسفل قيل له عمق ونظير ذلك الدرج والدرك وقد جاء في الأخبار الصحيحة أن ارتفاع السماء الدنيا عن الأرض خمسمائة عام وارتفاع كل سماء عن سماء وثخن كل كذلك والظاهر تقدير ذلك بالسير المتعارف وأن المراد بالعدد المذكور التحديد دون التكثير ونحن مع الظاهر إلا أن نع عنه مانع {فَسَوَّيهَا} أي جعلها سواء فيما اقتضته الحكمة فلم يخل عز وجل قطعة منها عما تقتضيه الحكمة فيها ومن ذلك تزيينها بالكواكب وقيل تسويتها جعلها ملساء ليس في سطحها انخفاض وارتفاع وقيل جعلها بسيطة متشابهة الأجزاء والشكل فليس بعضها سطحًا بعضها زاوية وبعضها خطًا وهو قول بكريتها الحقيقية وإليه ذهب كثير وقالوا وحكاه الإمام لما ثبت أنها محدثة مفتقرة إلى فاعل مختار فأي ضرر في الدين ينشأ من كونها كرية وقيل تسويتها تتميمها بما يتم به كما لها من الكواكب والمتممات والتداوير وغيرها مما بين في علم الهيئة من قولهم سوى أمره أي أصلحه أو من قولهم استوت الفاكهة إذا نضجت وأنت تعلم أن هذا مع بنائه على اتحاد السموات والأفلاك غير معروف في الصدر الأول من المسلمين لعدم وروده عن صاحب المعراج رسول الله صلى الله عليه وسلم وعدم ظهور الدليل عليه والأدلة التي يذكرها أهل الهيئة لتلك الأمور لا يخفى حالها ولذا لم يقل بما تقتضيه مخالفوهم من أهل الهيئة اليوم والله تعالى أعلم بحقيقة الحال.

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11